أحكام التبرك
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
هل كان الصحابة يتبركون بمخلفات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يعلم ذلك فلا ينكره؟
هل كان المسلمون يتبركون بالتفال ومخلفات الوضوء، وهل كان النبي يرضى بذلك؟
مما لاشك فية ان هذا سؤال هام، الواقع أن ذلك وقع ووقع على علم من الرسول عليه السلام وسكوت منه،
ولكن هذا السكوت كان برهة من الزمن، ولم يستمر منه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولقد ظهر حكمة ذلك السكوت المؤقت واضحًا بينًا جليًا في صلح الحديبية،
حيث أخذ المشركون يرسلون سفيرًا منهم- وما أريد أن أقول: رسولًا منهم، وإن كان هذا سائغًا من حيث العربية-فكلما أرسلوا سفيرًا منهم ليحادث الرسول عليه السلام ويفهموا ما يريد، كان يرى هذا السفير تلك المبالغة العجيبة التي لا يعرفونها في ملوك كسرى وقيصر، من تهافت الصحابة على وضوء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الماء الذي كان يتوضأ به وتبركهم به، فكان من آثار ما شاهدوا أو شهدوا أنهم عادوا إلى رؤوس قريش وقالوا لهم: صالحوا محمدًا فوالله لقد رأينا كسرى وقيصر فما رأينا أحدًا يُعظَّمهم كما أرينا أصحاب محمد يُعظِّمون محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم -،
وعلى هذا جرى الصلح المعروف في صلح الحديبية.
فكان سكوت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على مثل تلك المبالغة في التبرك به عليه السلام من السياسية الشرعية الحكيمة، ولكنه لأنه طبع على ما وصف بحق في قوله تبارك وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وكما قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» وكما قال في حديث آخر: «لا تنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها» فهو تجاوب في نهاية
مع هذا المبدأ الأساسي الذي كان يحياه الرسول عليه السلام وذلك حينما شاهدهم مرة يتهافتون أيضًا على التبرك بوضوئه فقال لهم: «ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله، قال:- هنا الشاهد-إن كنت تحبون الله ورسوله فاصدقوا في الحديث وأدوا الأمانة»
انظر هذا اللطف في النقد من الأمر المفضول إلى الحكم الفاضل، لم يصدهم الرسول عليه السلام صدًا، وإنما مهد لهم تمهيدًا بأسلوب عظيم جدًا: «ما الذي يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله» وهم صادقون في ذلك، فقال لهم: هذا لا يدل حبكم لله والرسول، الذي يدلكم على ذلك هو أن تعملوا بما جاء به الرسول عن ربه تبارك وتعالى.
ولهذا فنحن نرى أن ما ثبت من التبرك هو ثابت وفي صحيح البخاري قصة الحديبية في صحيح البخاري، لا مجال لإنكارها من حيث الرواية أبدًا،
لكن بعض الناس يأخذون الأمور بالعجلة ولا يأخذونها بالرَويِّة، فلو أنهم نظروا أولًا إلى الحكمة من ذاك السكون ثم اطلعوا على الحديث الأخير لزال الإشكال ولعرفوا عظمة الرسول عليه السلام في ذاك وفي هذا الحديث.
اذن أقراة - صلى الله عليه وآله وسلم - على التبرك به يوم الحديبية لحكمة بالغة
[جاء في حديث المسور بن مخرمة الطويل في غزوة الحديبية قوله]:
فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ... رواه البخاري.
فعلوا ذلك تبركًا به - صلى الله عليه وآله وسلم - وحبًّا له، وقد أقرهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه لحكمةٍ بالغة، ظهرت فيما بعد فى صلح الحديبيه
لكن هل يقاس التبرك بآثار الصالحين على التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم –
قال [ البوطي في "فقه السيرة"]
بعد أن نبه إلى معجزة فرس سراقة وغوص قائمتيها في الأرض، ومعجزة خروجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من بيته وقد أحاط به المشركون، وتبرك أبي أيوب الأنصاري وزوجه، ثم استطرد فذكر تبرك أم سلمه بشعره - صلى الله عليه وآله وسلم - وأم سليم بعرقه وغير ذلك ثم علق عليه فقال: «يرى الشيخ ناصر الألباني أن مثل هذه الأحاديث لا فائدة منها في هذا العصر،
وقال :ونحن نر ى أن هذا كلام خطير لا ينبغي أ، يتفوه به مسلم، فجميع أقوال الرسول وأفعاله وإقراراته تشريع، والتشريع باق مستمر إلى يوم القيامة ما لم ينسخه كتاب أو سنة صحيحة، ومن أهم فوائد التشريع ودليله معرفة الحكم، والاعتقاد بموجبه.
وهذه الأحاديث الثابتة الصحيحة لم ينسخها كتاب ولا سنة مثلها فمضمونهما التشريعي باق إلى يوم القيامة ومعنى ذلك أنه لا مانع من التوسل والتبرك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن التوسل بذاته وجاهه عند الله تعالى، وأن ذلك ثابت ومشروع مع الزمن، فكيف يقال مع ذلك أنه لا فائدة منها في هذا العصر؟!
هذا كلام البوطي بالحرف الواحد نقلته على طوله وقلة فائدته
خطأ نشر أحاديث
التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين العوام سدًّا للذريعة
مثل: «تبرك الصحابة بآثار رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -» ومثل حديث طلق بن علي وفيه أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - توضأ وتمضمض ثم صبه في أداوة لهم. و فيه حديثاً في تبرك أم سلمة بشعر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فما هو الفائدة من تكرار هذه العناوين والتراجم في الوقت الذي لا يمكن اليوم التبرك في بعض المناسبات بشعرة محفوظة في زجاجة فهو شيء لا أصل له في الشرع، ولا يثبت ذلك بطريق صحيح.
نعم إنما يستفيد من هذه التراجم بعض مشايخ الطرق ، مساعدة لهم على استعباد مريديهم واخضاعهم لهم باسم التبرك بهم! والله المستعان.
ومنهم من يسوق حديثاً فيه أن يهوديين قبلا يده - صلى الله عليه وآله وسلم - ورجله!
ومع أن الحديث في ثبوته فهل يريد في ذلك أن يشرع للناس أن يًقبِّل المريد رجل شيخه أيضاً اعتماداً منه على فعل اليهوديين؟! فإن قيل: لكن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أقرهما على ذلك فيقال: أثبت العرش ثم انقش، فالحديث لم يثبت كما ذكرنا، ولو ثبت، فليس يجوز قياس المسلم على اليهودي،
لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فلئن أقر - صلى الله عليه وآله وسلم - اليهوديين على تقبيل رجله، فلا يلزم منه إقرار المسلم على مثله لأنه عزيز وذاك ذليل صاغر، فأي قياس أفسد من هذا على وجه الأرض أن يقاس المسلم على الكافر، والعزيز على الذليل؟! ولو جاز فلا يجوز لأي شيخ أن يقيس نفسه على الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فيجيز لها ما جاز له - صلى الله عليه وآله وسلم -! لأنه من باب قياس الحدادين على الملائكة! أو هو على الأقل قياس مع الفارق!
والحمد لله رب العالمين
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله --- اما بعد
هل كان الصحابة يتبركون بمخلفات النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يعلم ذلك فلا ينكره؟
هل كان المسلمون يتبركون بالتفال ومخلفات الوضوء، وهل كان النبي يرضى بذلك؟
مما لاشك فية ان هذا سؤال هام، الواقع أن ذلك وقع ووقع على علم من الرسول عليه السلام وسكوت منه،
ولكن هذا السكوت كان برهة من الزمن، ولم يستمر منه - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولقد ظهر حكمة ذلك السكوت المؤقت واضحًا بينًا جليًا في صلح الحديبية،
حيث أخذ المشركون يرسلون سفيرًا منهم- وما أريد أن أقول: رسولًا منهم، وإن كان هذا سائغًا من حيث العربية-فكلما أرسلوا سفيرًا منهم ليحادث الرسول عليه السلام ويفهموا ما يريد، كان يرى هذا السفير تلك المبالغة العجيبة التي لا يعرفونها في ملوك كسرى وقيصر، من تهافت الصحابة على وضوء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الماء الذي كان يتوضأ به وتبركهم به، فكان من آثار ما شاهدوا أو شهدوا أنهم عادوا إلى رؤوس قريش وقالوا لهم: صالحوا محمدًا فوالله لقد رأينا كسرى وقيصر فما رأينا أحدًا يُعظَّمهم كما أرينا أصحاب محمد يُعظِّمون محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم -،
وعلى هذا جرى الصلح المعروف في صلح الحديبية.
فكان سكوت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - على مثل تلك المبالغة في التبرك به عليه السلام من السياسية الشرعية الحكيمة، ولكنه لأنه طبع على ما وصف بحق في قوله تبارك وتعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وكما قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» وكما قال في حديث آخر: «لا تنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها» فهو تجاوب في نهاية
مع هذا المبدأ الأساسي الذي كان يحياه الرسول عليه السلام وذلك حينما شاهدهم مرة يتهافتون أيضًا على التبرك بوضوئه فقال لهم: «ما يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله، قال:- هنا الشاهد-إن كنت تحبون الله ورسوله فاصدقوا في الحديث وأدوا الأمانة»
انظر هذا اللطف في النقد من الأمر المفضول إلى الحكم الفاضل، لم يصدهم الرسول عليه السلام صدًا، وإنما مهد لهم تمهيدًا بأسلوب عظيم جدًا: «ما الذي يحملكم على هذا؟ قالوا: حب الله ورسوله» وهم صادقون في ذلك، فقال لهم: هذا لا يدل حبكم لله والرسول، الذي يدلكم على ذلك هو أن تعملوا بما جاء به الرسول عن ربه تبارك وتعالى.
ولهذا فنحن نرى أن ما ثبت من التبرك هو ثابت وفي صحيح البخاري قصة الحديبية في صحيح البخاري، لا مجال لإنكارها من حيث الرواية أبدًا،
لكن بعض الناس يأخذون الأمور بالعجلة ولا يأخذونها بالرَويِّة، فلو أنهم نظروا أولًا إلى الحكمة من ذاك السكون ثم اطلعوا على الحديث الأخير لزال الإشكال ولعرفوا عظمة الرسول عليه السلام في ذاك وفي هذا الحديث.
اذن أقراة - صلى الله عليه وآله وسلم - على التبرك به يوم الحديبية لحكمة بالغة
[جاء في حديث المسور بن مخرمة الطويل في غزوة الحديبية قوله]:
فوالله ما تنخم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ... رواه البخاري.
فعلوا ذلك تبركًا به - صلى الله عليه وآله وسلم - وحبًّا له، وقد أقرهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه لحكمةٍ بالغة، ظهرت فيما بعد فى صلح الحديبيه
لكن هل يقاس التبرك بآثار الصالحين على التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم –
قال [ البوطي في "فقه السيرة"]
بعد أن نبه إلى معجزة فرس سراقة وغوص قائمتيها في الأرض، ومعجزة خروجه - صلى الله عليه وآله وسلم - من بيته وقد أحاط به المشركون، وتبرك أبي أيوب الأنصاري وزوجه، ثم استطرد فذكر تبرك أم سلمه بشعره - صلى الله عليه وآله وسلم - وأم سليم بعرقه وغير ذلك ثم علق عليه فقال: «يرى الشيخ ناصر الألباني أن مثل هذه الأحاديث لا فائدة منها في هذا العصر،
وقال :ونحن نر ى أن هذا كلام خطير لا ينبغي أ، يتفوه به مسلم، فجميع أقوال الرسول وأفعاله وإقراراته تشريع، والتشريع باق مستمر إلى يوم القيامة ما لم ينسخه كتاب أو سنة صحيحة، ومن أهم فوائد التشريع ودليله معرفة الحكم، والاعتقاد بموجبه.
وهذه الأحاديث الثابتة الصحيحة لم ينسخها كتاب ولا سنة مثلها فمضمونهما التشريعي باق إلى يوم القيامة ومعنى ذلك أنه لا مانع من التوسل والتبرك بآثار النبي عليه الصلاة والسلام فضلاً عن التوسل بذاته وجاهه عند الله تعالى، وأن ذلك ثابت ومشروع مع الزمن، فكيف يقال مع ذلك أنه لا فائدة منها في هذا العصر؟!
هذا كلام البوطي بالحرف الواحد نقلته على طوله وقلة فائدته
خطأ نشر أحاديث
التبرك بآثار النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بين العوام سدًّا للذريعة
مثل: «تبرك الصحابة بآثار رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -» ومثل حديث طلق بن علي وفيه أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - توضأ وتمضمض ثم صبه في أداوة لهم. و فيه حديثاً في تبرك أم سلمة بشعر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
فما هو الفائدة من تكرار هذه العناوين والتراجم في الوقت الذي لا يمكن اليوم التبرك في بعض المناسبات بشعرة محفوظة في زجاجة فهو شيء لا أصل له في الشرع، ولا يثبت ذلك بطريق صحيح.
نعم إنما يستفيد من هذه التراجم بعض مشايخ الطرق ، مساعدة لهم على استعباد مريديهم واخضاعهم لهم باسم التبرك بهم! والله المستعان.
ومنهم من يسوق حديثاً فيه أن يهوديين قبلا يده - صلى الله عليه وآله وسلم - ورجله!
ومع أن الحديث في ثبوته فهل يريد في ذلك أن يشرع للناس أن يًقبِّل المريد رجل شيخه أيضاً اعتماداً منه على فعل اليهوديين؟! فإن قيل: لكن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أقرهما على ذلك فيقال: أثبت العرش ثم انقش، فالحديث لم يثبت كما ذكرنا، ولو ثبت، فليس يجوز قياس المسلم على اليهودي،
لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين فلئن أقر - صلى الله عليه وآله وسلم - اليهوديين على تقبيل رجله، فلا يلزم منه إقرار المسلم على مثله لأنه عزيز وذاك ذليل صاغر، فأي قياس أفسد من هذا على وجه الأرض أن يقاس المسلم على الكافر، والعزيز على الذليل؟! ولو جاز فلا يجوز لأي شيخ أن يقيس نفسه على الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - فيجيز لها ما جاز له - صلى الله عليه وآله وسلم -! لأنه من باب قياس الحدادين على الملائكة! أو هو على الأقل قياس مع الفارق!
والحمد لله رب العالمين