دخلت عالمه و عاشت جنته و لم تكن تعلم أنّ وراء جنته تختبئ نار، قاسمته أفراحه و أحزانه، و حملت عنه همومه و كانت له بئر أسرار،
ضحّت من أجله بالكثير، و مثلها فعل و أحبّها بجنون، لم تخفِ حبّها عن أحد فقد كانت تعتبره نعمة من نِعم الواحد الأحد...
كان يتجنب إزعاجها في عملها، و يفضّل البقاء خارجاً ينتظرها، لكن اليوم على غير عادتها تأخرت و أثارت قلقه فصعد إليها
ليجدها منهمكة هي و زميلتها في إنهاء أوراق مناقصة كان لا بد منها.
جلس ينتظرها و يراقبها و بين الفينة و الأخرى يسترق النظر لصديقتها و تبادله هي نفس النظرات في خفية عنها حتى انتهى العمل و خرجت معه ليوصلها البيت كعادتها...
كثر تردده على مكتب خطيبته إلى حد لفت هذا انتباهها و أثار استغرابها، و مع ذلك حضوره كان يسعدها لأنها تتمنى أن تكون معه دوما و لا يفارقها.
مرّت الأيام و تغيّرت الأحوال و تغيّر الحبيب أيضاً و لم يعد كما كان، فبعدما كان لا ينسى موعداً معها و لا وعداً لها أصبح يتحجج بحجج واهية ليتملص و يتخلص منها،
أحسّت هي بذلك لكن حبّها له و ثقتها به منعاها من أن تُدخل الشك لقلبها رغم أن الكثير من الأمور تدعو لذلك و تلّح بشّدة، إلى أن جاء يوم ليس كسائر الأيام،
صوت غريب هاتفها: ألو... ردّت: نعم، من معي؟ أجابها: فاعل خير و لا يهم من أكون...
إنقبض لحظتها قلبها و كأنها تنبأت بما سيقوله لها، تنفست بعمق و استردت قوّتها...
خير إن شاء الله بما أستطيع أن أخدمك؟ قال: أنا من يريد خدمتك لأنك للخير كنتِ أسبق و مهما فعلت لن أرد جزءً من جميلك..
أجابت متعجبة: أنا؟ !! ماذا فعلت و من أنت؟ آه نسيت أنت فاعل خير، طيّب يا سيّد فاعل خير كيف ستخدمني و ماذا هناك به تخبرني؟
باختصار قال: خطيبكِ يخونكِ مع غيركِ، و عندي الدّليل و البرهان على ما أقول، قاطعته: غير معقول !!! لا أريد أدّلة و لن أصدق ما تقول، إنتهت المكالمة،
صرخ: لا تقفلي، و هي تهّم بوضع سماعة الهاتف ترائ لها شريط في ثواني يحمل كل الشكوك و الظنون، ترددت و تشجّعت و قالت: ماذا تريد أيضاً؟ أجابها:
هو في شقتها الآن و هذا هو العنوان...
أقفلت و يداها ترتجفان و قلبها يخفق بشّدة و من هول ما سمعت أصيبت بغثيان..
ألقت بنفسها على الكرسي و بلّت فمها الجاف بقطرات ماء تسربت في عروقها لتعيد لها نبضها من جديد و تستجمع قواها.
و بعد تفكير عميق و صراع كبير بينها و بين نفسها قرّرت أن تقطع الشك باليقين.
حملت شنطة يدها و مفاتيح سيارتها متوجهة للعنوان المذكور في اللّحظة و الحين، سارت و القهر يكاد يقضي عليها لكنها استغفرت ربّها و لم تترك للوسواس مكان،
وصلت العمارة و ما أن كادت تضع قدمها على أول درج حتى غيّرت من شدّة ترّددها مسارها و عادت أدراجها، لكنها رجعت و بقيت تتقدم و تتأخر إلى أن تشجعت،
صعدت الأدراج بخطى ترتجف خوفاً، و هي تسمع ضربات قلبها تدوّي و تكاد تخترق طبلة أذنها، و مع كل خطوة تصعدها كانت ترجع للوراء حيث لاحت لها صور الماضي،
تذكرت أوّل كلمة حب همس بها في أذنها، كيف كان يفاجئها و بحنانه يحيطها، تلك اللّحظات التي عاشتها معه بكل حلوها و مرّها، يا إلاهي !! أيعقل أن يخونها؟
لا.. لا يُعقل فهو يهواها و بجنون يحبّها، هو من تمنت أن تتفانى في حبه لتهبه حياتها و تطمئن إلى نفسه و تعيش معه أبد الدّهر،
تساقطت الدّموع من عينيها، دموع اليأس و الضياع، دموع حجبت عنها الرّؤيا حتى تعثرت و على الدّرج سقطت كمزهرية زجاج تكسرت و أجزاؤها في كل الأنحاء تبعثرت،
ترى ماذا يخبئ لها القدر؟ ! تساءلت، و هل ستتفاجأ بما يتربص بها هذا القدر فتتشرب عروقها زهد الحياة و مقتها و تتأسى بنظرة إلى الوراء،
تجمع بين المرارة و الحلاوة تستخلص لذة الحياة فتذوق الدّمع على عمرها الضائع؟.
و بينما هي بين تساؤلتها و لحظات يأسها التي أنهكت قواها و جعلتها لا تقوى حتى على الوقوف على قدميها، إنبعث صوت من داخلها شق حجاب خوفها:
قفي و واجهي، و للأحداث لا تسبقي، لشتاتكِ لملمي و قوتك و ثقتك بنفسك إستعيدي و حتى و إن كان فعلاً يخونكِ فليس هو من سيهزمك...
غاب الصوت في أعماقها و استفاقت من لحظة ضعفها و قامت من على الأرض و واصلت صعودها و بدى لها رواق طويل سرمدي،
سارت فيه بخطى متثاقلة حتى وصلت الشقة حسب العنوان، طرقت الباب مرة و اثنين و في الثالثة سمعت وقع أقدام يقترب من الباب،
إبتعدت قليلاً و هي تترقب من وراءه !! حتى فُتح الباب، كان... هو...
تحوّلت في لحظة جنتها إلى نار صفعت وجهها و نهشت قلبها المصدوم...
لحقت به عشيقته لتسأله من بالباب معرّجة بنظراتها لتتسمر كما فعل هو..
إبتسمت إبتسامة باردة تلتها ضحكات مجنونة من وقع صدمتها فقد كانت عشيقة خطيبها هي نفسها زميلتها و أعّز صديقاتها...
صُعق لما رآها فهو لم يتوقع قط أن تكشف زيفه و كذبه و خداعه، لم يستطع أن ينطق بكلمة و كان صمته صرخة... آسف...
كل شيء فيه كان يتأسف و يتحسر و يترجى منها الصفح و الإعتذار ...
قالت و الألم يعتصر قلبها: لم أكن أعلم أنه سيأتي يوم آخذ فيه أصعب قرار، خسرتك نعم، لكنه بالنسبة لي إنتصار،
لا أستطيع أن أصدق أنك حتى و إن أحببتني بجنون لم تستطع منع نفسك من أن تخون، لا أصدّق أن قصتنا كانت مجرد وهم من الأوهام،
اليوم قد قرّرت و فصلت و فات الأوان، فمهما حاولت أقولها لك باختصار: مع امرأة مثلي إمّا أن تكون أو لا تكون و قد إخترت و انتهى المشوار.
بقلمي
ضحّت من أجله بالكثير، و مثلها فعل و أحبّها بجنون، لم تخفِ حبّها عن أحد فقد كانت تعتبره نعمة من نِعم الواحد الأحد...
كان يتجنب إزعاجها في عملها، و يفضّل البقاء خارجاً ينتظرها، لكن اليوم على غير عادتها تأخرت و أثارت قلقه فصعد إليها
ليجدها منهمكة هي و زميلتها في إنهاء أوراق مناقصة كان لا بد منها.
جلس ينتظرها و يراقبها و بين الفينة و الأخرى يسترق النظر لصديقتها و تبادله هي نفس النظرات في خفية عنها حتى انتهى العمل و خرجت معه ليوصلها البيت كعادتها...
كثر تردده على مكتب خطيبته إلى حد لفت هذا انتباهها و أثار استغرابها، و مع ذلك حضوره كان يسعدها لأنها تتمنى أن تكون معه دوما و لا يفارقها.
مرّت الأيام و تغيّرت الأحوال و تغيّر الحبيب أيضاً و لم يعد كما كان، فبعدما كان لا ينسى موعداً معها و لا وعداً لها أصبح يتحجج بحجج واهية ليتملص و يتخلص منها،
أحسّت هي بذلك لكن حبّها له و ثقتها به منعاها من أن تُدخل الشك لقلبها رغم أن الكثير من الأمور تدعو لذلك و تلّح بشّدة، إلى أن جاء يوم ليس كسائر الأيام،
صوت غريب هاتفها: ألو... ردّت: نعم، من معي؟ أجابها: فاعل خير و لا يهم من أكون...
إنقبض لحظتها قلبها و كأنها تنبأت بما سيقوله لها، تنفست بعمق و استردت قوّتها...
خير إن شاء الله بما أستطيع أن أخدمك؟ قال: أنا من يريد خدمتك لأنك للخير كنتِ أسبق و مهما فعلت لن أرد جزءً من جميلك..
أجابت متعجبة: أنا؟ !! ماذا فعلت و من أنت؟ آه نسيت أنت فاعل خير، طيّب يا سيّد فاعل خير كيف ستخدمني و ماذا هناك به تخبرني؟
باختصار قال: خطيبكِ يخونكِ مع غيركِ، و عندي الدّليل و البرهان على ما أقول، قاطعته: غير معقول !!! لا أريد أدّلة و لن أصدق ما تقول، إنتهت المكالمة،
صرخ: لا تقفلي، و هي تهّم بوضع سماعة الهاتف ترائ لها شريط في ثواني يحمل كل الشكوك و الظنون، ترددت و تشجّعت و قالت: ماذا تريد أيضاً؟ أجابها:
هو في شقتها الآن و هذا هو العنوان...
أقفلت و يداها ترتجفان و قلبها يخفق بشّدة و من هول ما سمعت أصيبت بغثيان..
ألقت بنفسها على الكرسي و بلّت فمها الجاف بقطرات ماء تسربت في عروقها لتعيد لها نبضها من جديد و تستجمع قواها.
و بعد تفكير عميق و صراع كبير بينها و بين نفسها قرّرت أن تقطع الشك باليقين.
حملت شنطة يدها و مفاتيح سيارتها متوجهة للعنوان المذكور في اللّحظة و الحين، سارت و القهر يكاد يقضي عليها لكنها استغفرت ربّها و لم تترك للوسواس مكان،
وصلت العمارة و ما أن كادت تضع قدمها على أول درج حتى غيّرت من شدّة ترّددها مسارها و عادت أدراجها، لكنها رجعت و بقيت تتقدم و تتأخر إلى أن تشجعت،
صعدت الأدراج بخطى ترتجف خوفاً، و هي تسمع ضربات قلبها تدوّي و تكاد تخترق طبلة أذنها، و مع كل خطوة تصعدها كانت ترجع للوراء حيث لاحت لها صور الماضي،
تذكرت أوّل كلمة حب همس بها في أذنها، كيف كان يفاجئها و بحنانه يحيطها، تلك اللّحظات التي عاشتها معه بكل حلوها و مرّها، يا إلاهي !! أيعقل أن يخونها؟
لا.. لا يُعقل فهو يهواها و بجنون يحبّها، هو من تمنت أن تتفانى في حبه لتهبه حياتها و تطمئن إلى نفسه و تعيش معه أبد الدّهر،
تساقطت الدّموع من عينيها، دموع اليأس و الضياع، دموع حجبت عنها الرّؤيا حتى تعثرت و على الدّرج سقطت كمزهرية زجاج تكسرت و أجزاؤها في كل الأنحاء تبعثرت،
ترى ماذا يخبئ لها القدر؟ ! تساءلت، و هل ستتفاجأ بما يتربص بها هذا القدر فتتشرب عروقها زهد الحياة و مقتها و تتأسى بنظرة إلى الوراء،
تجمع بين المرارة و الحلاوة تستخلص لذة الحياة فتذوق الدّمع على عمرها الضائع؟.
و بينما هي بين تساؤلتها و لحظات يأسها التي أنهكت قواها و جعلتها لا تقوى حتى على الوقوف على قدميها، إنبعث صوت من داخلها شق حجاب خوفها:
قفي و واجهي، و للأحداث لا تسبقي، لشتاتكِ لملمي و قوتك و ثقتك بنفسك إستعيدي و حتى و إن كان فعلاً يخونكِ فليس هو من سيهزمك...
غاب الصوت في أعماقها و استفاقت من لحظة ضعفها و قامت من على الأرض و واصلت صعودها و بدى لها رواق طويل سرمدي،
سارت فيه بخطى متثاقلة حتى وصلت الشقة حسب العنوان، طرقت الباب مرة و اثنين و في الثالثة سمعت وقع أقدام يقترب من الباب،
إبتعدت قليلاً و هي تترقب من وراءه !! حتى فُتح الباب، كان... هو...
تحوّلت في لحظة جنتها إلى نار صفعت وجهها و نهشت قلبها المصدوم...
لحقت به عشيقته لتسأله من بالباب معرّجة بنظراتها لتتسمر كما فعل هو..
إبتسمت إبتسامة باردة تلتها ضحكات مجنونة من وقع صدمتها فقد كانت عشيقة خطيبها هي نفسها زميلتها و أعّز صديقاتها...
صُعق لما رآها فهو لم يتوقع قط أن تكشف زيفه و كذبه و خداعه، لم يستطع أن ينطق بكلمة و كان صمته صرخة... آسف...
كل شيء فيه كان يتأسف و يتحسر و يترجى منها الصفح و الإعتذار ...
قالت و الألم يعتصر قلبها: لم أكن أعلم أنه سيأتي يوم آخذ فيه أصعب قرار، خسرتك نعم، لكنه بالنسبة لي إنتصار،
لا أستطيع أن أصدق أنك حتى و إن أحببتني بجنون لم تستطع منع نفسك من أن تخون، لا أصدّق أن قصتنا كانت مجرد وهم من الأوهام،
اليوم قد قرّرت و فصلت و فات الأوان، فمهما حاولت أقولها لك باختصار: مع امرأة مثلي إمّا أن تكون أو لا تكون و قد إخترت و انتهى المشوار.
بقلمي