أعياد المسلمين وحكمة مشروعيتها
مقدمة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴿... الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 61، 62]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربُّه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
إن العيد من شعائر الإسلام، وله أحكام شرعية تتعلق به من أجل ذلك قمت بإعداد هذه الرسالة، التي تناولتُ الحديثَ فيها عن معنى العيد وحكمة مشروعية العيدين، وحكم صوم العيدين وأيام التشريق الثلاثة، وحكم التكبير وأنواعه وصفته، ومشروعية صلاة العيدين وحكمها ووقتها، وصفة صلاة العيد ومكان إقامتها، وآداب الخروج إلى مصلى العيد، وحكم قضاء العيد، وحكم اجتماع العيد مع الجمعة، وصفة التهنئة بالعيد، وصفة اللهو والغناء المباح، وحكم زيارة المقابر يوم العيد، وختمتُ الرسالة بالحديث عن العيد كموسم لأعمال البر.
معنى العيد: قال ابنُ الأَعرابي: سُميَ العِيدُ عيدًا لأَنه يعود كل سَنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد، قال ابنُ منظور: العِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه مِن عاد يَعُود، كأَنهم عادوا إِليه، وقيل: اشتقاقه مِن العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد؛ (لسان العرب لابن منظور جـ4 صـ3159).
أعياد المسلمين:
يجب على كل مسلم أن يعلم أن الأعياد في الإسلام ثلاثة فقط، وهي: عيد الفطر ويأتي عقب انقضاء صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى في ختام عشر ذي الحجة، وهذان العيدان يتكرَّران كل عام، وهناك عيد ثالث يأتي في ختام كل أسبوع؛ وهو يوم الجمعة.
وليس في الإسلام عيدٌ بمناسبة مرور ذكرى غزوة بدر الكبرى، ولا غزوة الفتح، ولا غيرها من الغزوات العظيمة التي انتصَر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا؛ (المحلى لابن حزم جـ 5 صـ 81)، (شرح زاد المستنقع لابن عثيمين جـ5 صـ145: صـ146).
وكل ما سوى هذه الأعيادِ الثلاثة - الفطر والأضحى والجمعة - فهو بدعة في الدين، ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شرعها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
حكمة مشروعية العيدين:
إن الله تعالى قد شرع العيدين لِحكم جليلة سامية، فبالنسبة لعيد الفطر؛ فإن الناس أدَّوْا فريضة من فرائض الإسلام وهي الصيام، فجعل لهم الله عز وجل يومَ عيد يفرحون فيه، ويفعلون من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهارٌ لهذا العيد، وشكرٌ لله عز وجل على هذه النعمة، فيفرحون لأنهم تخلصوا بالصوم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبوها؛ لأن من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه؛ ولذا جعل الله تعالى عيد الفطر ليَفرح المسلم بنعمة مغفرة الذنوب ورفعِ الدرجات وزيادة الحسنات بعد هذا الموسم من الطاعات.
وأما بالنسبة لعيد الأضحى فإنه يأتي بعد عشرِ ذي الحجة التي يسنُّ فيها للإنسان الإكثارُ من الطاعات وذِكرِ الله، وفيها يوم عرفة الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفِّر ذنوب سنتين، وأما بالنسبة للحجاج الواقفين على جبل عرفة فإن الله يطَّلع عليهم ويُشهِد الملائكة بأنه قد غفَر للمخلصين منهم ذنوبهم، فكان يوم عيد الأضحى الذي يلي يوم عرفة يوم عيد للمسلمين يفرحون فيه بمغفرة الله تعالى لذنوبهم ويشكرونه على هذه النعمة العظيمة؛ (شرح زاد المستنقع لابن عثيمين جـ5 صـ211: صـ212).
مشروعية صلاة العيدين:
شُرعت صلاة العيدين في السنة الأولى من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
روى أبو داود عن أنسٍ قال: قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما؛ يوم الأضحى، ويوم الفطر))؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 1004).
وصلاة العيدين مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فيقول الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]؛ قال قتادة وعطاء وعكرمة: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ صلاة العيد ويوم النحر، ﴿ وَانْحَرْ ﴾ نسكك؛ (تفسير القرطبي جـ20 صـ218).
وأما السُّنة فقد ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين.
روى الشيخان عن ابن عباسٍ قال: شهدتُ العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعُمر وعثمان رضي الله عنهم فكلُّهم كانوا يصلُّون قبل الخطبة؛ (البخاري حديث 962/ مسلم حديث 884).
وأجمع المسلمون قديمًا وحديثًا على مشروعية صلاة العيدين؛ المغني لابن قدامة بتحقيق التركي جـ3 صـ253).
مقدمة:
الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴿... الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ﴾ [الفرقان: 61، 62]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربُّه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
إن العيد من شعائر الإسلام، وله أحكام شرعية تتعلق به من أجل ذلك قمت بإعداد هذه الرسالة، التي تناولتُ الحديثَ فيها عن معنى العيد وحكمة مشروعية العيدين، وحكم صوم العيدين وأيام التشريق الثلاثة، وحكم التكبير وأنواعه وصفته، ومشروعية صلاة العيدين وحكمها ووقتها، وصفة صلاة العيد ومكان إقامتها، وآداب الخروج إلى مصلى العيد، وحكم قضاء العيد، وحكم اجتماع العيد مع الجمعة، وصفة التهنئة بالعيد، وصفة اللهو والغناء المباح، وحكم زيارة المقابر يوم العيد، وختمتُ الرسالة بالحديث عن العيد كموسم لأعمال البر.
معنى العيد: قال ابنُ الأَعرابي: سُميَ العِيدُ عيدًا لأَنه يعود كل سَنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد، قال ابنُ منظور: العِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه مِن عاد يَعُود، كأَنهم عادوا إِليه، وقيل: اشتقاقه مِن العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد؛ (لسان العرب لابن منظور جـ4 صـ3159).
أعياد المسلمين:
يجب على كل مسلم أن يعلم أن الأعياد في الإسلام ثلاثة فقط، وهي: عيد الفطر ويأتي عقب انقضاء صوم شهر رمضان، وعيد الأضحى في ختام عشر ذي الحجة، وهذان العيدان يتكرَّران كل عام، وهناك عيد ثالث يأتي في ختام كل أسبوع؛ وهو يوم الجمعة.
وليس في الإسلام عيدٌ بمناسبة مرور ذكرى غزوة بدر الكبرى، ولا غزوة الفتح، ولا غيرها من الغزوات العظيمة التي انتصَر فيها المسلمون انتصارًا باهرًا؛ (المحلى لابن حزم جـ 5 صـ 81)، (شرح زاد المستنقع لابن عثيمين جـ5 صـ145: صـ146).
وكل ما سوى هذه الأعيادِ الثلاثة - الفطر والأضحى والجمعة - فهو بدعة في الدين، ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شرعها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
حكمة مشروعية العيدين:
إن الله تعالى قد شرع العيدين لِحكم جليلة سامية، فبالنسبة لعيد الفطر؛ فإن الناس أدَّوْا فريضة من فرائض الإسلام وهي الصيام، فجعل لهم الله عز وجل يومَ عيد يفرحون فيه، ويفعلون من السرور واللعب المباح ما يكون فيه إظهارٌ لهذا العيد، وشكرٌ لله عز وجل على هذه النعمة، فيفرحون لأنهم تخلصوا بالصوم من الذنوب والمعاصي التي ارتكبوها؛ لأن من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه؛ ولذا جعل الله تعالى عيد الفطر ليَفرح المسلم بنعمة مغفرة الذنوب ورفعِ الدرجات وزيادة الحسنات بعد هذا الموسم من الطاعات.
وأما بالنسبة لعيد الأضحى فإنه يأتي بعد عشرِ ذي الحجة التي يسنُّ فيها للإنسان الإكثارُ من الطاعات وذِكرِ الله، وفيها يوم عرفة الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صيامه يكفِّر ذنوب سنتين، وأما بالنسبة للحجاج الواقفين على جبل عرفة فإن الله يطَّلع عليهم ويُشهِد الملائكة بأنه قد غفَر للمخلصين منهم ذنوبهم، فكان يوم عيد الأضحى الذي يلي يوم عرفة يوم عيد للمسلمين يفرحون فيه بمغفرة الله تعالى لذنوبهم ويشكرونه على هذه النعمة العظيمة؛ (شرح زاد المستنقع لابن عثيمين جـ5 صـ211: صـ212).
مشروعية صلاة العيدين:
شُرعت صلاة العيدين في السنة الأولى من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
روى أبو داود عن أنسٍ قال: قَدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ((ما هذان اليومان؟)) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما؛ يوم الأضحى، ويوم الفطر))؛ (حديث صحيح)، (صحيح أبي داود للألباني حديث 1004).
وصلاة العيدين مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فيقول الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]؛ قال قتادة وعطاء وعكرمة: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ ﴾ صلاة العيد ويوم النحر، ﴿ وَانْحَرْ ﴾ نسكك؛ (تفسير القرطبي جـ20 صـ218).
وأما السُّنة فقد ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين.
روى الشيخان عن ابن عباسٍ قال: شهدتُ العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعُمر وعثمان رضي الله عنهم فكلُّهم كانوا يصلُّون قبل الخطبة؛ (البخاري حديث 962/ مسلم حديث 884).
وأجمع المسلمون قديمًا وحديثًا على مشروعية صلاة العيدين؛ المغني لابن قدامة بتحقيق التركي جـ3 صـ253).