المقدمة الحياة الانسانية تفاعلية ليست جامدة ’و يتجلى ذلك في التفكير الذي هو أعمال العقل في الاشكال للوصول الى معرفتها الا أن هذا النشاط أخذ صورا متعددة منها الرياضيات التي تدرس بدورها المفاهيم المجردة المستنبطة من هذه المعرفة ’فما أثار جدلا فكريا كبيرا بين الفلاسفة و المفكرين حول نتائج الرياضيات فموقف يرى أنها ثابة مطلقة و منهم من يرئى عكس ذلك أنها نسبية متغيرة ففي خضم هذا النسق الفكري المتباين نطرح الاشكال التالي..هل نتئج لرياصيات مطلقة ام نسبية؟
الموقف الاول يرى الموقف الاول ان الرياضيات هي لغة المفاهيم والصور العقلية المجردة التي تعبر عن المعارف اليقينية التي تتصف بالدقة و المطلق ’ولهذاتحتل النموذج الارقى الذي تسعى اليه كل المعارف الاخرى و يستدلون بذلك الرياضيات هي من المفاهيم الاكثر بساطة و الاكثر وضوحا و انها مفاهيم ثانية مترابطة فيما بينها مطلقة لا شك فيها و هذا ما تبناه الكثير من العلماء و الفلاسفة و الرياضيين فقد اعتقد |كانط|ان الرياضيات حقائق مطلقة ة انها وحدها تنفرد في امتلاك التعريفات التي لا تخطئ فالمربع مثلا كمفهوم ذهني مجرد يتجلى نفي اذهاننا واضحا و بسيطا ليس فيه اي غموض و لا ترتبط بغيره الا بعلاقة كميةو في نفس الوقت حقيقة ثابتة و مطلقة كما ان الرياضي عندما يستدل فانه ينطلق من اوليات و مبادئ عامة واضحة بدذاتها و معروف الصفات و الخصائص ليستنتج منها قضايا جديدة مرتبطة و منسجمة مع مبادئها منطقيا لهذا يصرح \بوريل\ان الرياضي يعرف ما يصنع و ما يبدع على اساس الملائمة و اليقين ووفاء تفكيره لمنطلقاته و عدم تناقضه معها و هذا يعني اليقين في المعاني و العلاقات الرياضية و لعل هذا ما جعل \ديكارت\ يضع الرياضيات قمة في الوضوح و اليقين و البداهة فقد شيد اقليدس هندسته على من البديهيات و المسلمات و التعاريف فالبديهيات قد اعتيرت مقبولة و لا يمكن الشك فيها و لا تغييرها و التعاريف قد سكت عنها لانه لا يمكن التقدم فب البحث ولم تكن معرفة تعريفا دقيقا .. اما المسلمات طلب اقليدس التسليم بها و انها واضحة و انها واضحة بذاتها التي تنص على انه من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم مستقيم واحد يوازي الاول وعلى اساس هذه المسلمة برهن اقليدس عدة قضايا في بنائه الهندسي من القضية التالية مجموع زوايا المثلث 180° كذلك اذا رجعنا الى الواقع يبرهن بوضوح ان الرياضيات هي لغة الدقة و اليقين فالفيزياء و الرياضيات لم تنشأ الا يوم فكر \كيبلر\و \غاليلي\ و \نيوتن\ في اسخدام الاعداد من اجل معرفة الكون لهذا قال بيكار .."الرياضيات ذات قوة عجيبة في التغيير و التنبؤ " كما ان ملاحظة لغة الاعلام الالي و المعلوماتية و دقتها دليل جازم على دقة الرياضيات و حقائقها اليقينية و لعل \افلاطون\ قد اكتشف المعبرة على اليقين الرياضي فجعل الوجود المعقول و بلوغ الحقائق العقلية ينطلق من استخدام الرياضيات لهذا رفع اكادميته المشهورة .."من لم يكن رياضيا لا يطرق بابنا"
النقد.. صحيح ما ذهب اليه انصار هذا الموقف ان النتائج الرياضية مطلقة لكن انطلاق علمائها كان عقائديا لان تصور اقليدس للمكان مستمد من الواقع الساذج و متأثرة بالاعتقادات الوثنية التي كانت تعتبر ان الارض مسطحة يلفها الفراغ و قد اكتشف العلم زيف تلك الادعاءات و قد قال \باشلار\ "ان البداهة الاولى ليست حقيقة اساسية"ثم ان الرياضيات الاقليدية اشد ارتباطا بالحدس لانها مرتبطة بالواقع المحسوس.
الموقف الثاني ففي النقيض نجد الموقف الذي يعتبر ان النتائج الرياضية نسبية حيث اتجه الرياضيون الى مبادئ الرياضيات(التعريفات.البديهيات.المسلمات,)بالنقد و التحليل فقامت حركة واسعة في النصف الثاني من القرن 19 تركزت على معالجة و مراجعة مبادئ البرهان الرياضي و نقدها ولعل المشكلة التي افتقدت البناء التقليدي للهندسة (هندسة اقليدس) هي مشكلة التوازي او مسلمة التوازي و هي من نقطة خارج مستقيم لا يمكن ان يرسم الا مستقيما واحدا يوازي المستقيم الاول بناء على هذه المسلمة برهن \اقليدس\ على عدة قضايا في بنائه الهندسي و منها القضية التالية ان المجموع زوايا المثاث يساوي دوما 180° حاول الرياصيون عبر العصور البرهنة على هذه المسلمة و لكنهم لم يفلحوا و لم يستطيعوا الاستغناء عنها لان الاستغناء عنها يعني انهيالر الهندسة الاقليدية و كانت اول محاولة جزئية كانت من قبل الرياضي الروسي \لوباشيفسكي\الذي حاول البرهنة عليها بواسطة البرهان "الاكسوماتيكي"حيث افترض انه من نقطة خارج مستقيم يمكن رسم اكثر من مواز لهذا المستقيم فتوصل الى استنتاج عدد من النظريات دون ان يقع في التناقض اي دون ان يؤدي ذلك الى بطلان فرضيته و بهذا يكون قد توصل الى هندسة جديدة مخالفة لهندسة اقليدس و لم تتوقف هذه المحاولات عند هذا الحد بل تعززت بقيام محاولة اخرى من طرف الرياضي الالماني \ريمان\ حيث افترض انه من نقطة خارج المستقيم لا يمكن رسم اي مستقيم اخر مواز له و اي مستقيمين كيفما كان وضعهما لا بد ان يتقطعا و انطلقا نت هذا الفرض الجديد توصل \ريمان\ الى نتائج جديدة منها ان مجموع زوايا المثلث تساوي دوما اكبر من 180° لذا فان الرياضيات حسبهم ما هي الا مجرد انساق افتراضية من الصعب تحديدها او الحكم عليها لانها اختيارات يضعها العالم الرياضي وافق انسجام منطقي معين لهذا فهي تعبير عن ممكنات افتراضية هذا ما يضهر في منهج \الاكسيوماتيك\ المعاصر لهذا قال \بوليغار\ " كثرة الانظمة في الهندسة دليل على ان الرياضيات ليس فيها حقائق مطلقة " و كماقال ايضا \بربرتندراسل\ "ان الرياضياتهي العلم الذي لا يعرف عما يتحدث و لا اذا كان ما يتحدث عنه صحيح"
النقد صحيح ما ذهب اليه هذا الوقف ان النتائج الرياضية نسبية لكن الهندسة الحديثة ليست حقيقته مطلقة و تعدد المسلمات لابد ان يتم بشروط عقلية منطقية و واقعية صارمة و الا تحولت الرياضيات الى جدل لا نهاية له
التركيب من خلال مناقشتنا للموضوع نجد دو غمائية في الطرح فموقف يرى ان النتائج الرياضية مطلقة لما حققته من يقين في بدايات تاسيس المفاهيم المجردة و موقف يرى انها نسبية لما تعددت النساق و بالرغم من ذلك فان نتائج الرياضيات وان لم تكن واحدة لكنها يقينية يقينا مطلقا لما لعبت من دور في بناء و ترسيخ اليات العلوم الاخرى كما ان التصور الرياضي المععاصر اصبح يتبع منهجا رضيا استنتاجيا يعتمد على الانطلاق من فرضية معينة يختارها العالم ليبني علبها نسقه الرياضضي بشرط ان لا تكون مناقضة للمنطلقات التي اعتمدتها حتى تصل الى اليقين المطلق في نتائجها الاستنتاجية من هذه الفروض.
حل المشكلة ان الطابع الشكلي و المنطقي هو الذي يسود في الرياضيات الحديثة حاليا فلم تعد الرياضيات ذلك العلم المطلق بل نتائجها نسبية مبنية على عقلانية جديدة ترفض البداهة الاقليدية و هكذا نشأ لبمنهج \الاكسيوماتيكي\ القائم على منهج الفرضي الاستنتاجي لا يتعارض مع التعدد الهندسات الذي لم يصبح يسيئ الى اليقين الرياضي